فنُّ الحبِّ..
أولا: كيف يبدأ الحبُّ؟
يبدأ الحب بالإعجاب أو
بحادثة تثير الشفقة، أو تحرك رغبة. وبمجرد أن تتركز العاطفة في شخص ما، يأتي دور
التفكير والخيال وخصوصا إذا كان الحبيب غائبا عن عينيه. فإذا تمكنت منه الفكرة فلن
ينظر إليه إلا بعين الرضا، ولن يرى فيه إلا محاسنَ وأفضالا.
والحب في هذه المرحلة يغمره بسعادة
لا نهائية؛ وكما يحتاج اللهيب الوقودَ كذلك يحتاج الحب التشجيعَ: ثناء، أو تشجيع،
أو نظرة نافذة، أو بسمة حلوة، ... وغيرها. وقد يبدأ الحب عند بعض الناس بتيار جارف
من الشك، والشك في ذاته يدعو إلى تأويل الكلام، وتحليل المعاني، وتفسير النظرات
والحركات... وكلما زاد التحليل والتفسير رسخ الحب وتمكن. والتمتع أو الدلال يلهب
الحب، ولكن يحذر الغلو فيه حتى لا تنقلب الآية فيصهر الحب ويقتله.
وتكتمل السعادة والهناء إذا
وصل الحب درجةً تجعل كل محب يرى في حبيبه المثل الأعلى... لكن في هذ الدرجة من
الحب لا تتعادل قوة العاطفة عند الطرفين؛ إذ تستمر قوة الحب في توهجها، لذا وجب
علينا أن نفكر دائما في الوسائل التي نبقي بها على هذه العاطفة، وننميها في الحبيب
المختار.
ثانيا: الحبُّ بين الأمسِ واليومِ
في العصور القديمة في فجر
التاريخ كان الرجل القوي يختطف المرأة التي يختارها، وقد يحدث أن تحب المرأة بطلها
وفارسها الذي اختطفها لأنه اختارها دون سواها، ولأنه أصبح سيدها. ثم أعقب ذلك
مرحلة أخرى أصبح فيها للمال والنفوذ الأثر نفسُه الذي كان للقوة الجسمانية
والفروسية، وأصبح الرجل ليس في حاجة لاختطاف المرأة، بل في إمكانه أن يشتريها بماله
ونفوذه.
ثم جاءت الديانات السماوية
التي تنظم الزواج والعلاقات الزوجية وتضعها في قالبها الشرعي الذي يرضي الله رب
العالمين، وتكفل للإنسان الحياة الكريمة، والعلاقة الكريمة، والعلاقة الإنسانية
السليمة في الزواج. كما أوجبت على الرجل إحسان معاملته لزوجته؛ فهي إنسان له حقوقه
كما عليه واجبات يجب أن يقدمها. والله سبحانه وتعالى بإيجابه هذه المعاملة بالحسنى
والود بين الزوجين، فقد قوى ومتَّن وشائج الأسرة، وزرع الحب بين أعضائها.
ومن العوامل التي تجذب إلى
الحب النبوغُ والشهرة، ولياقةُ الحديث وظرافته، وبطولة الألعاب الرياضية وإجادة فن
من الفنون، ... وغيرها من وسائل الدعاية، والمحبة الداعية إلى التفاخر، ولا ننسى
ضعف المرأة وشعورَها بهذا الضعف، ورغبتها الملحة في أن تكون في حماية رجل قوي،
وهذا الاطمئنان هو الذي يقودها إلى السعي لأن تكون أما وتكون أسرة.
ومن وسائل الجاذبية في الحب
أيضا المدحُ، والثناء، والغزل، والتغني بالمحاسن. كل هذا محبب للنفس البشرية، وما
من رجل أو امرأة إلا وبهما مركب نقص، والإطراء والمديح خير علاج لمركبات النقص،
وتستطيع المرأة العاقلة أن تغزو قلب الرجل بتشجيعه في عالمه وتهيئة أسباب الراحة
الجسدية والنفسية له في بيئته. وكثيرا ما نرى نساء ذوات نصيب قليل في الحسن
والجمال يفزن بقلوب الرجال وينتصرن على منافسات جميلات حسناوات لم يعرفن كيف يرضين
الرجال وينسجمن معهم انسجاما روحيا، ويشاركنهم مشاعرهم وأحاسيسهم، وميولهم.
وعلى الرجل العاقل أن يراعي
أعصاب المرأة التي يحبها؛ فلا يثيرها، وإذا جابهته عاصفة فليصبر ويتجلد حتى تمر
بسلام، شأنه في ذلك شأن ذلك البحار الماهر الذي يتجلد أمام الزوبعة دون أن يفقد
حبه وشغفه بالبحر.
وهذه عشر نصائح نقدمها للمحبين
لكي يدوم الحب وتتقد جذوة ناره، ويفيض هناءً وسعادةً، وهي نصائح ووصايا تشكل عصارة
تجارب عميقة، وهي:
1.
ابتعد عن مسببات
الغيرة؛
2.
إذا عاتب أحدكما الآخر
فبرفق ولين، وبالصراحة التي لا تؤلم؛
3.
تناسيا منغصات الماضي،
ولا يفكر أحدكما الآخر بدفين الذكريات ومؤلمها؛
4.
اخلقا من حين لآخر
مناسبات البعد قصير المدى، الذي تتخلله خطابات الشوق، والذي يعقبه اللقاء الحار؛
5.
غلفا حبكما بالخيال،
لأن الحقيقة تجرد الحب من لذته وبهدته؛
6.
بقدر ما يحترم كل
منكما الآخر بقدر ما يزداد حبه له؛
7.
ليلتمسْ كل منكما في
أحضان الآخر الحنان قبل أن يلتمسَ الجنسَ؛
8.
اتركا للزمن حل المشكلات
التي لا ينجح حبكما في حلها حتى لا تفسدا سعادتكما؛
9.
جددا دائما في مظاهر
حياتكما حتى لا يتسرب إليها الضيق والملل، وبهما يضعف الحب؛
10. ألا يحصي كل واحد منكما أخطاء الآخر، والتسامح شروط ضروري لاستمرار المودة والحب.
للتوسع، انظر: محمد رفعت: بناتنا ومشاكلهن الصحية؛ دار النجار، بيروت، ط. 1995، ص. ص. 160 - 162.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا بك في مدونة "اليراع الإبريزي" للتدقيق اللغوي، والتحرير، والتمحيص اللغوي، وتأليف القصص، والترجمة. كيف يمكننا مساعدتك؟