الكنزُ العجيبُ!
لمح فجأة أنوارا غريبة، انبعثت في
جزيرة، وتملكه الفضول لمعرفة مصدرها. قصد المكان ولم يسوف الزيارة. ولما بلغه وجد
هناك شجرة البلوط، وفي أغصانها القريبة من الأرض علقت بكرة لرفع الأثقال، رجح أنها
كانت لسفينة من السفن العملاقة، لذلك أيقن أنه بلغ موضعا اكتنز شيئا ثمينا!
عاد إلى بيته وقلبُه مفعمٌ بالفرح
والسرور. فطلب من خليليه العزيزين المساعدة، لم يتأخرا في الاستجابة لطلبه؛ فقد
حرص الثلاثة على البكور لعين المكان، ومعهم المعاول والمجارف، وغيرها من الأدوات
البسيطة المستعملة في الحفر والتجريف.
ها هي ذي جزيرةُ الكنز. لقد بلغوها، وشرعوا
يحفرون. طالت بهم مدة الحفر حتى وجدوا أنفسَهم في نفق عمودي دائري، وقد ضم النفقٌ
قطعا كبيرة مرصوفة من خشب البلوط، ممتدة عبر النفق، وقد أثبتت نهاية كل قطعة منها
بقوة في الجدران. هي حواجز في عملية الحفر، الشيء الذي استدعى نزعَها وسحبها إلى
خارج النفق. وقد استمر الحفر، والأمل يصاحبهم للعثور على صناديقَ من الأحجار
النفيسة. لقد خاب الأمل، لم يكن هناك سوى الطينِ!
لم يستكن الثلاثة؛ وبعد أن جاوزوا
موضع الطين المكتشف، عنت لهم بالمصادفة طبقةٌ أخرى من قطع الأشجار على عمق عشرين
قدما، وطبقة أخرى على عمق الثلاثين! لقد كانت المهام أكبر من إمكاناتهم وقدراتهم،
فقرروا الرضوخ على الرُّغم من اقتناعهم أن الكنز الثمين يبعد بضع أقدام عن معاولهم
ومجارفهم.
ذاع صيت الحفرة أرباع الجزيرة، وتملك
الفضولُ آخرينَ من محبي التنقيب، وبعض رجال الأعمال، والشركات الكبرى. تلك التي
أحضرت اليد العاملة بما يكفي، وآلات الحفر الحديثة، وقامت بالحفر سنواتٍ طوالا،
وانتهت العملية بما آل إليه تدشين صحابُنا الثلاثة. لم تكن الخسارة هذه المرة في
عدم العثور على الكنز الثمين فحسب، لكن شملت بعض الأرواح، كما شملت المال والعتاد
أيضا.
نال
الحفرُ نصيبَ الأسد في الحفرة، وفي الموضع الغريب، ولكن كلما تعمق الحفرُ، عنت
عقبات وعراقيلُ وألغاز، وموانعُ مثيرة عجيبة غريبة مختلفة، تنتهي بغرق الحفرة
بالماء، كأن حفرا لم يكن!